إضغط هنا لتنتقل  

أخبار أشيقر

أشيقر..سياحة بين الوشم والنخيل

لا يكاد يأتي ذكر لمنطقة نجد إلا ويقفز إلى الذاكرة مسمى تاريخي لأحد أهم أقاليمها، وهو الوشم الذي أنجب العلماء والبحاثة على امتداد التاريخ، ولعب أدوارًا حفرت في ذاكرة التاريخ كما تحفر الأسماء المتميزة على القلائد الذهبية .

الموضوع من المصدر (http://www.tirhal.com/details/dt/Detail/ItemID/46/)

2

الرحلة

انطلقت بنا السيارة من الرياض العاصمة صبيحة يوم من أيام الشتاء القارسة، والشمس تطل علينا من الأفق، حيث بدا الغمام من حولها راسمًا لوحة ساحرة من الألوان المتمازجة مع طيف السماء. كنا نرقب زميلاً لنا أخذ يستعرض مواهبه الفنية في الرسم على زجاج السيارة من الداخل باستخدام إصبعه، مستغلاً بخار أنفاسنا الذي تكثف عليه. حال دخولنا الطريق السريعة المؤدية إلى القصيم متجهين صوب إقليم الوشم الواقع شمال غرب العاصمة الرياض بنحو 200 كيلو متر وبالتحديد إلى بلدة أشيقر التي تعد من أقدم بلاد نجد، تاريخها ضارب في القدم ويعود إلى ما قبل الإسلام، وقد أنجبت عددًا من الشعراء في الجاهلية وفي الإسلام.
بعد أن قطعنا ما يربو على الثلاثين كيلو مترًا أصر رفيق دربنا، فنان الرسم على زجاج النافذة، أن نتوقف لنتناول طعام الإفطار في أحد المطاعم المتاخمة لمحطة الوقود، وحالما استقر بنا المجلس تحلقنا حول طاولة ضمت متلازمة شعبية تعودناها تتكون من كبدة الحاشي المقلية بالبصل مع أرغفة الخبز والشاي الأحمر. جال في خاطري أن ذائقة آبائنا وأجدادنا للطعام انتقلت إلينا على ما يبدو عبر الجينات.
خرجنا من المطعم نتهادى نحو السيارة التي انطلقت لنواصل طريقنا صوب أشيقر عبر الخروج من الطريق السريع إلى بنبان عبر صلبوخ وحريملاء وصولاً لشقراء فأشيقير. بعد مرور نحو ساعة ونصف بدت لنا مشارف الوشم بجبالها وآكامها ونخيلها الذي لايكاد ينقطع. وها نحن نلج أشيقر التي لم تعد قرية بالمفهوم التقليدي، بل غدت أقرب للمدينة، وقد تحلت بزينتها، وتمازجت بها ألوان طيف الحداثة مع ألوان العراقة، وتجلت شوارعها الفسيحة وعمرانها الحديث وهي تحاكي المدن الكبرى.

3

سياحة الشباب وطن

أجمل برامج رحلتنا إلى الوشم تمثلت في حضور فعاليات مهرجان سياحة الشباب وطن تحت رعاية الأمير عبدالله بن مساعد بن عبدالعزيز الرئيس العام لرعاية الشباب. المهرجان أقامته الرئاسة العامة لرعاية الشباب – الإدارة العامة للنشاطات الشبابية- إدارة النشاط الكشفي بالتعاون مع نادي أشيقر الرياضي. وانعقد المهرجان في القرية التراثية بأشيقر خلال الفترة من 19 إلى 1436/2/21هـ
وصلنا الى أشيقر قبل الظهر والمهرجان يبدأ في الساعة الرابعة عصرًا. هذا منحنا وقتًا كافيًا للتصوير في القرية التراثية ومعالم أشيقر الأخرى، لا سيما القصور وبيوت الطين الأثرية التي تداعب المشاعر والذكريات بعراقتها.

النشاطات

حالما بدأت فعاليات المهرجان حرصنا على ألا يفوتنا شيء منها، رغم تثاقل رفيقنا الذي كان يشكو بعض السمنة، وأبدى امتعاضه من نشاطنا المفرط، وكان يؤكد صعوبة اللحاق بنا وتتبع مسارنا، بيد أن ذلك لم يثننا عن مواصلة استكشاف المهرجان، وتفاصيل المكان، والاستمتاع قدر المستطاع بما يتضمنه من أهازيج، ورقصات، وفنون شعبية كنا نتوق دائمًا لحضورها. لم نفوت، أيضًا، عرض السيارات المعدلة والتاريخية المشوق، حيث تم عرض السيارات الكلاسيكية بتصميماتها الأخاذة وكأنها قفزت للتو من لوحات قديمة. استمتعنا كذلك بالحارة القديمة، والألعاب والمسابقات الترفيهية المصاحبة، وكذا الرسم على الحائط الذي يحرك مكامن الإبداع في نفوس الفنانين الشباب، ثم مررنا على القرية الكشفية وشاهدنا الكشافة الشباب بملابسهم الرسمية المميزة، وشاهدنا الطائرات والسيارات الإلكترونية، وإبداعات الشباب في هذا المجال الاستثنائي الذي ينمي ملكة الاختراع والإبداع لديهم. وقفنا أمام ركن التصوير حيث إبداعات المصورين الشباب الذين يعكس إنتاجهم روح المغامرة والحرص على التقاط الصور المميزة. جماليات ركن الأسر المنتجة وثراؤه كانت لافتة، حيث بذلت تلك الأسر، لا سيما العنصر النسائي، الذي بذل جهدًا لافتًا لإنتاج سلع وأكلات شعبية وإبرازها بأسلوب مذهل استقطب مزيدًا من الزوار. ما أن أعلن المساء قدومه حتى كان الأطفال على موعد مع مسرح الطفل، حيث تجمهر عدد كبير منهم تتراقص الأضواء على وجوههم البريئة كزهور الربيع في بواكير النهار يرقبون المشاهد التمثيلية وقد كستهم بالسعادة.
توجهنا بعدها إلى الخيمة الشعبية واستمتعنا بالقهوة السعودية مع تمر الصقعي والخلاص الذين تشتهر بهما المنطقة. من الفعاليات التي أبهرتنا زفة العريس وما رافقها من أهازيج وقرع للطبول. وصاحب هذه اللوحة الفنية مسابقة أفضل زي شعبي، ومسابقة أفضل طبق شعبي، وكثير من المسابقات التي أنعشت جو المكان بالمرح وشغف الفوز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى