تميزت مدينة أشيقر باهتمام معظم أسرها بالعلم وازدهرت معها المدارس وحلقات العلم والمكتبات والتي شكلت أرث حفظ مجموعة من الكتب والمخطوطات والوثائق والوصايا والمكاتبات من عقود البيع والرهن والوقف ، مما جعل لكثير من الأسر سلسلة متصلة من العلماء لا تتوقف جيل بعد جيل ، هنا والحديث عن أسرة أباحسين نذكر الشيخ عثمان بن عبدالرحمن عثمان أباحسين “الحميدي” رحمه الله (1326-1417) أشيقر ، حيث كان له دورا بارزا في النهضة العلمية والتاريخية بحفظ الكثير من المبايعات والوصايا والعقود والحجج والتي تعتبر ذات قيمة تاريخية.
الشيخ الحميدي كغيره من أهالي أشيقر درس على أيدي مجموعة من الشيوخ والعلماء منهم موسى الموسى وعبدالعزيز الفنتوخ “رحمهم الله” فقد درس وحفظ القرآن الكريم والعلوم الشرعية واللغوية ، مما جعله بعد ذلك رجل تعليم وصاحب اهتمامات علمية كثيرة وإمام لمسجد الشمال في القرية القديمة والذي ألحق به مدرسة قام بتأسيسها بمساعدة طلابه لتعليم الصغار القرآن والفقه واللغة بالإضافة لحلقات للمشايخ والعلماء شكلت مكانة علمية عالية ، إلي أن عمل في التعليم الرسمي الحكومي.
للشيخ عثمان اهتمامات كبيرة بمختلف العلوم فبالإضافة للعلوم الشرعية والدينية اهتم بالتاريخ والأدب والأنساب وحفظ الكثير من الكتب المخطوطات والوثائق ، حيث كان مرجع لكثير من الباحثين والسائلين ليستشهدوا من علمه وما يملك في مكتبته من محفوظات ، فلقد حمل أمانة وسار على خطى أجداده بفضل ما يمتلكه من فكر تربوي ومنهجية في عصر لم يكن هناك فيه وسائل تساعد على العمل والإبداع ، إلا أنه بالإصرار والتصميم والعزيمة نجح بتوزيع جهوده وتنظيم مقتنيات مكتبة الأسرة بشكل جعل الوصول للمعلومة سهلا وفي متناول اليد.
ارتبط اسم الحميدي كثيرا بمسجد الشمال ذلك المسجد الذي شكل حركة علمية ومكانة اجتماعية في تاريخ مدينة أشيقر بفضل جهود عديدة تمثلت في المدرسة والحلقات ودار الغرباء ، حيث كان للشيخ عثمان أباحسين نصيبا كبيرا فيها لذلك لا يذكر الشيخ إلا ويذكر مسجد الشمال معه والعكس صحيح ، فهذه العراقة وهذا الترابط والتناغم لا يجعلنا إلا أن نقول رحم الله الشيخ عثمان وأسكنه فسيح جناته.
“في سلسلتنا هذه لا نطرح سيرة كاملة ولكن نتناول جانب مشرق من شخصية أحد أعيان مدينة أشيقر الذين عاصرناهم” .
