التأهيل العمراني والتنمية المستدامة بالقرى التراثية بالمملكة
هذا هو عنوان رسالة الماجستير التي ناقشها سعادة المهندس محمد أمين أحمد آشي للحصول على درجة الماجستير في تخصص العمارة من كلية العمارة والتخطيط بجامعة الدمام، وذلك في السابع عشر من محرم عام 1436هـ، حيث تم اعتمادها من قبل لجنة التحكيم عقب العرض المرئي الذي قدمه المهندس آشي بحضور عدد من أساتذة جامعة الدمام ولجنة التحكيم والمشرف على هذه الرسالة سعادة الأستاذ الدكتور عبد الله بن محمد العويد.
وقد أفاد الباحث أن اختياره لبلدة أشيقر التراثية كحالة دراسية يرجع إلى العديد من الأسباب منها أهمية هذه البلدة التاريخية, التي أثبتت الوثائق أن عمرها يتجاوز ألف عام ولا يوجد عدد كافي من الدراسات التي تبحث عمق البعد التاريخي لعمر هذه البلدة والذي من الوارد أن يعود إلى حقب تاريخية موغلة في القدم, كما أنها تتميز بنسيجها العمراني التراثي الذي تتخلله العناصر الطبيعية من شعاب وتلاع والمحاط بالمزارع من جميع الجهات, مما يجمع عناصر الجذب التراثية والطبيعية في إطار واحد يعود بالزائرين له إلى عصور قديمة ويحرك المشاعر والوجدان بمجرد التجول بين الجدران الطينية في الممرات ذات الأبعاد الإنسانية التي ينساب فيها الهواء العليل بعيداً عن مصادر التلوث في المدن الكبيرة, مما يعزز فرصة نجاحها كمشروع سياحي على مستوى المملكة العربية السعودية والعالم.
وفي ملخص الدراسة أفاد الباحث أن التراث العمراني هو أهم ما يمكن دراسته لكي نستطيع أن نفهم العلاقة الهامة بين المجتمع والبيئة المحيطة به على مر العصور، وهو مصدر دخل اقتصادي سياحي على المستوى العالمي. تحوي المملكة العربية السعودية تراث عمراني متنوع وغني يحتوي على الكثير من القيم والدروس المفيدة. والتراث العمراني في قرية أشيقر يعد مثالاً متميزاً لعمارة منطقة الوشم قديماً توارثته الأجيال حتى عامنا هذا وهو غني بالتفاصيل المعمارية والعمرانية التي تجعله متفرداً عن غيره ممتعاً في مشاهدته والتعلم منه.
وأن أهم ما يميز قرية أشيقر التراثية هو اهتمام سكان المنطقة الأصليين بها وعلى الرغم من تأثر القرية التراثية بعوامل التعرية إلا أنها حافظت على معالمها الأساسية، فلقد قام سكان المنطقة بالمحافظة عليها بالقيام بالعديد من عمليات الترميم وإعادة التأهيل المكلفة جداً بتبرعات ضخمة من الأهالي المهتمين بتراث أجدادهم، ولكن هذه العملية وعلى الرغم من أنها أثمرت كثيراً في دعم الجوانب الثقافية والاجتماعية إلا أنها لم تكن مجدية اقتصادياً إلى حد كبير، بل أن عملية الترميم لا تزال تعتمد على التبرعات, وهنا تكمن مشكلة البحث وهي كيف يمكن أن نقوم بعملية التنمية المستدامة لمثل هذه القرى التراثية، وبناء على البحث في هذا الموضوع تبين أن من أهم أسباب القصور في عملية تحصيل دخل اقتصادي في هذه القرية التراثية هو عدم وجود خطة واضحة لعملية إعادة تأهيل التصميم العمراني للموقع تخدم هذه القرية لتستقبل سياح الداخل والخارج بشكل مجدي اقتصادياً.
ولقد تم دراسة هذه الفرضية بأسلوب البحث المسحي للحالة عن طريق الدراسة الميدانية للموقع والمكوث به فترة زمنية مناسبة لتوثيق البيانات وجمع المعلومات اللازمة بشكل يراعي مفاهيم الاستدامة الثلاث “البيئة والمجتمع والاقتصاد” وذلك باختيار أدوات بحثية مناسبة لجمع المعلومات حسب طريقة توفرها ومنها إجراء مسح ميداني للموقع محل الدراسة ومحيطه وإجراء المقابلات الشخصية مع المختصين في مجال المحافظة على التراث العمراني وتنمية المواقع التراثية وتعبئة الاستبيانات الخاصة بذلك , وقد خلص البحث إلى نتائج وتوصيات ومقترحات من المؤمل أن تخدم بلدة أشيقر التراثية كمثال للقرى التراثية عامة في المملكة العربية السعودية.
كما توصل الباحث من خلال تحليل نتائج الدراسة الميدانية وجمع آراء المختصين في المجال إلى عدد من المخططات التي تصف الوضع الراهن لحالة المباني التراثية بالموقع محل الدراسة والتي تم من خلالها التوصل إلى عدد من المقترحات التصميمية لتطوير بلدة أشيقر التراثية لتكون وجهة سياحية متميزة على المستوى المملكة العربية السعودية والعالم إن شاء الله.
ويتقدم الباحث بالشكر بعد حمد الله وشكره على توفيقه ورضوانه, إلى كافة أهالي بلدة أشيقر اللذين قدموا له كل العون والمساعدة والدعم لإتمام هذه الرسالة وعلى كرم ضيافتهم وحسن استقبالهم له ويخص بالشكر على سبيل الذكر وليس الحصر كل من سعادة الأستاذ عبد الله بن عبد المحسن المغيرة رئيس مركز أشيقر وسعادة الأستاذ أحمد بن عبد المحسن المغيرة وسعادة الشيخ عبد الرحمن العامر وسعادة الأستاذ عبد الرحمن الرزيزاء وسعادة الأستاذ عبد العزيز الشنيبر وسعادة المهندس إبراهيم الخراشي وكافة المهتمين من أهالي أشيقر الذين قدموا للباحث معلومات هامة أثرت هذا البحث العملي.
ويشكر الباحث كافة العاملين ببلدية أشيقر ورئيس البلدية “سعادة الأستاذ فايز الشنيف” على ما قدموه من معلومات أفادت الباحث أثناء إعداد هذه الرسالة سائلاً الله أن يكون هذا البحث عونا لهم في تنمية هذه البلدة المتميزة والهامة على كافة الأصعدة التاريخية والسياحية.
ويشكر الباحث القائمين على مكتب البيئة للاستشارات الهندسية: “سعادة المهندس علي الشعيبي” والمغفور له “سعادة المهندس عبدالرحمن الحصيني” حيث قاموا بتسليم الباحث الرفوعات المساحية المبدئية التي تم الاعتماد عليها في إعداد أغلب المخططات بهذا البحث وكان ذلك قبل وفاة سعادة المهندس عبدالرحمن الحصيني بفترة لا تتجاوز الشهر, “رحمه الله” سائلاً المولى عز وجل أن يكون ما أنجز بهذا البحث في ميزان حسناته.
كما يشكر الباحث كافة المختصين من الهيئة العامة للسياحة والآثار الذين دعموا الباحث في إعداد هذا البحث العلمي ومنهم على سبيل الذكر وليس الحصر “سعادة الدكتور مشاري النعيم” و”سعادة الدكتور محمد أبا الحسن” و”سعادة الدكتور محسن القرني” وكافة أساتذة جامعة الدمام وجامعة الملك سعود ومنهم على سبيل الذكر وليس الحصر “سعادة الدكتور عبدالله العويد المشرف على هذه الرسالة” و”سعادة الدكتور عبد الناصر الزهراني” وسعادة الدكتور أسامة الجوهري” على ما قدموه للباحث من معلومات وتوجيهات ساهمت في إنجاز هذا البحث العلمي.
وعليه يتقدم الباحث برسالة إلى كافة زملائه من باحثين ومهتمين بالتراث العمراني في المملكة العربية السعودية في كليات العمارة والتخطيط والسياحة والآثار بتقديم كافة الجهود الممكنة لدعم مشروع المحافظة على التراث العمراني الذي يعد كنزا من كنوز هذا الوطن الغالي وأحد أهم موارده التي ستبني مستقبلاً أفضل وغد واعد بإذن الله.
كما يأمل الباحث من أن يقدم هذا البحث العلمي بادرة لتحويل مشروع تنمية قرية أشيقر التراثية إلى مشروع مستدام قادر على أن يخدم الأهالي والسياح بأشيقر لتكون مقصداً سياحياً هاماً على الخارطة السياحية بالمملكة العربية السعودية.
ويقدم الباحث هذا البحث العلمي لكافة المهتمين من الجهات ذات العلاقة والأهالي ببلدة أشيقر كرد للجميل على ما حظي به الباحث من حسن الاستقبال والمعاملة وكرم الضيافة وتقديم العون من كافة الأشخاص الذين قابلهم لغرض جمع المعلومات الخاصة بهذا البحث العلمي وذلك ابتغاء لمرضاة وجه الله تعالى حامداً المولى عز وجل على فضله وتوفيقه ورضوانه.
كما يقدم الباحث كإهداء إلى بلدة أشيقر التراثية شعار قام بتصميمه خصيصاً لها بالتعاون مع المهندس خالد أمين أشي يبرز أهم الجوانب التي تميزها كوجهة سياحية بعد إتمام عمليات التطوير بإذن الله.