إضغط هنا لتنتقل  

مقالات

(أمي) رحلت يا أم لا قلب يصافحني فجرا ولا الصوت يا أمي يناديني

( أمي )

رحلت يا أم لا قلب يصافحني
فجرا ولا الصوت يا أمي يناديني

تركتني في زوايا البيت منفردا
بين الضياع وبين الهم يطويني

فالشمس تبزغ شرقا لا شعاع لها
كأنما الليل مرسوم على عيني

حتى الحمام التي كانت تؤانسنا
هديلها مات من سجع وتلحين

هذي أشيقر في الأحزان غارقة
من بعد فقدك يا أم المساكين

نخيلها قد حنت هاماتها أسفاً
على الرحيل وأشجار البساتين

ولو بحثت بها عمن يسامرني
لما وجدت بها فرداً يسليني

يا أم يا جنة الدنيا وبهجتها
ويا عبير شذا كل الأفانين

ويا نسيم من الأفراح ينعشني
إن ضاق صدري في بعض الأحايين

لما رحلت توارت عن مجالسنا
أفراحها واكتست من دمع محزون

لما رحلت اختفت شمس تضيء لنا
ولم تعد عكل يا أماه تغريني

ما عاد مجلسك اليومي منعقداً
تفرق الجمع في كل الميادين

كرسيك اليوم يا أمي يحدثني
عن ذكريات رفيقات ميامين

فيا رفيف الندى رفت بشائره
فجرا ويحمله عطر الرياحين

قد كنت ينبوع ماء حين يدهمني
الحر في الصيف يا أماه يسقيني

حي الحويطة ما أبهاك من وطن
عشنا به بين جدران من الطين

لكنه كان حياً في خلائقه
أنهار عطف من الإحسان واللين

ما كان حياً بلا قلب وقد قطعت
عرى المودة فيه بالسكاكين

الآن عكل غدت يا أم مجدبة
لا تنبت الود أو أغصان زيتون

هذي الأزقة كم كانت تسامرني
ألهو وألعب بين الحين والحين

والصبح أذهب مسرورا لمدرستي
لأنهل العلم من نحو ومن دين

والعصر أذهب للبرسيم أحضره
حتى دخين * من الإدرار ترويني

وراعي الغنم المسكين يحجزها
في آخر الشهر كي يحظى بقرشين

وأم سالم تدعونا لتسمعنا
بعد العشاء حكايات المحبين

وباب مجلسنا لم ينغلق أبداً
في وجه ضيف من الأحساء للصين

ونار قهوتنا لم تنطفئ أبداً
أريجها عابق وسط الفناجين

هذا أبي جالس في ظل سارية
يخط خطبة نصح للمصلين

أمي سحابة خير كان أولها
عندي وأطرافها عند المقلين

ولو سهرت بليل ألتوي ألماً
لا نوم عندك حتى السوء يعدوني

قد كنت سلطانة فيها متوجة
بتاج فخر ولا تاج السلاطين

يا رب فاغفر لها وارفع مكانتها
يوم الحساب وفي فتح الدواوين

يا رب والطف بها وأكرم وفادتها
في جنة الخلد مع كل المسلمين

الكاتب/ إسماعيل بن إبراهيم السماعيل
١-١٢-١٤٤١هـ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى