رسالة إلى أهالي بلدة أشيقر آبَاؤنا وَرّثوا … فَمَا وَرّثْنا؟
تحظى بلدة أشيقر بشهرة تاريخية متميزة على مستوى المملكة العربية السعودية عامة وإقليم نجد خاصة، تشكلت عبر قرون من الزمان، وقد دخلت أشيقر التاريخ من أوسع أبوابه من خلال معلمين بارزين هما: العلم، والأوقاف، فالحركة العلمية التي ازدهرت في أشيقر في القرون الماضية ( القرن العاشر، والحادي عشر، والثاني عشر الهجري)، والحركة الوقفية التي صاحبت هذه الحركة العلمية سَطَّرا جميعاً هذا التاريخ المشرق، فما ذكرت بلدة أشيقر إلا وذكر معها وقف صبيح ، وصقر بن قطام، ورميثة بن قضيب، ومع مرور الزمن وتبدل الأحوال انتقلت أشيقر وللأسف من متن التاريخ إلى هامشه، وتراجع حضورها وأثرها في هذين المعلمين البارزين، ولم يستطع أهالي أشيقر المحافظة على هذا التميز، وأصبحوا يعيشون على ذكريات هذا التاريخ ويتفاخرون به، وخاصة بعد أن تعطلت منافع تلك الأوقاف القديمة وفقد المجتمع أثرها التنموي، وتلاشت الحركة العلمية بغياب العلماء ومجالس العلم.
ونحن اليوم “ولإعادة ذلك الوهج الحضاري” في أمسّ الحاجة إلى تجديد هذا التاريخ، والانتقال من عقلية ”أولئك آبائي”، إلى عقلية “ولكن الفتى من قال ها أنا ذا”، من خلال إحياء تلك المعالم البارزة التي رفعت من شأن هذه البلدة ورسّخت حضورها في تاريخ المنطقة وخاصة معلم الأوقاف الذي اشتهرت به أشيقر حتى لا تكاد تجد حاجة من الحاجات البشرية الأساسية والفرعية إلا وقد أخذت نصيبها من الأوقاف.
ولا شك أن انحسار الأوقاف كمعلم ديني وحضاري واجتماعي لم يكن بسبب إعراض سكان أشيقر عن البذل والعطاء في مجال الخير، فهم أهل البذل وأهل الخير، وأصحاب أيادٍ بيضاء عُليا، وما زالت قلوبهم تنبض بالإيمان وحب الخير، وتشهد لهم ساحات العمل الخيري والوقفي في جميع أرجاء هذه البلاد المباركة.
ومن هذا المنطلق فإن أهالي أشيقر جميعاً غنيّهم وفقيرهم، كبيرهم وصغيرهم، رجالهم ونسائهم، مدعوون للمساهمة في إحياء هذه الإرث التاريخي والعمل على إنشاء الأوقاف التي يحتاجها أبناء هذه البلدة من خلال إنشاء الصناديق الوقفية لتغطية احتياجات البلد في مناحي الحياة المتنوعة والتي منها على سبيل المثال لا الحصر ” الصندوق الوقفي للمساجد، والصندوق الوقفي الصحي، والصندوق الوقفي التعليمي، والصندوق الوقفي للزواج، والصندوق الوقفي لرعاية الأرامل والمطلقات وكبيرات السن، والصندوق الوقفي، الصندوق الوقفي للإسكان، والصندوق الوقفي لرعاية المناشط التربوية والدعوية، … الخ”، وغيرها من الصناديق والتي ستؤمن أصولاً ثابتة ومستدامة تُحقق ريعاً مستمراً يغطي احتياجات مصارف هذه الصناديق، وتقع مسؤولية ذلك في المقام الأول على المؤسسات الخيرية، وأئمة المساجد، ووجهاء البلد، لتكون هذه الأوقاف بإذن الله أماناً للأجيال القادمة وتحقق لهم الرفاهية والحياة الكريمة.